Powered By Blogger

السبت، 14 يوليو 2012

ع المدينه محمد منير


كنت فى مقاله سابقه تحدثت عن قائمه بخمسه عشر اغنيه قلت هم اهم اغنيات تلك الفتره ( 80 & 90 ) وقلت انى ااجلت الحديث عنهم لفتره حتى بدأت فى الكتابه عنهم واحده تلو الاخرى فبدأت الحديث بأغنيه ( روحى وحبيبتى ) لايمان البحر درويش والثانيه كانت هى ( تسألينى ) لعلى الحجار والان جاء الدور على منير لكى يأخذ دوره هو الاخر فى الحديث بأغنيه اراها واحده من اهم ماغنى منير فى حياته وواحده من اعظم ما سمعت فى حياتى .

دائما ما كنت اضع تصنيفا لالبومات محمد منير فقد كنت اعتبر ان ما قبل البوم من اول لمسه مرحله فى حياه ومشروع منير الفنى وبعد هذا الالبوم مرحله اخرى فى المشروع تتشابه فى المضمون لكن التناول كان مختلف بشكل كبيراختلف التناول لكن المضمون يشبه ما قبله .

اغنيه اليوم تنتمى للفتره الاولى من مشروع منير الفنى الذى اراها اهم فتره فنيه عاشها منير من ناحيه خصوصيه الكلمه والمشروع الموسيقى الكبير الذى دشنه منير ومزج فيه بين المحليه والانماط والاشكال الموسيقيه الغربيه و العالميه واتى لنا بأغنيه مغايره تماما للاغنيه الرسميه التى كانت تتبناها القاهره واتى لنا منير بأغنيات ذات خصوصيه شديده ومضمون طازج تماما وتناول فنى اجبرنا على متابعته فقد استطاع ان يجعل من الاغنيه شكلا مغايرا تماما عما ألفناه كمستمعين اغنيه تتحدث عن الغربه داخل وخارج الوطن وعن عذابات النفس وعن الغربه عن حضن الام وعن الوطن المتمثل فى الحبيبه والحبيبه التى هى فى الاصل الوطن .


اغنيه اليوم هى ( ع المدينه ) والتى تقع فى اهم البوم فنى فى رايى الشخصى فى الثلاثين عاما الماضيه وهو البوم ( شبابيك ) احد الالبومات التاريخيه فى حياه منير الفنيه واحد ارقى الالبومات من ناحيه الموسيقى والكلمات والمشروع الفنى المكتمل فى تاريخ الغناء العربى كله .

البوم شبابيك وان كان يحمل التجربه رقم ( 3 ) فى مشروع البومات منير الفنيه الا انه يعتبر البوم النضج الفنى والبوم تدشين المشروع الفنى الكبير لمنير والذى خرج به منير وحرر مع اخرون سبقوه او رافقوه الاغنيه المصريه من فلكها الاثير ومن كلاسيكتها التى كانت قاربت على الانتهاء فى تلك الفتره من اواخر السبعينات واوائل الثمانينات .


اغنيه اليوم اراها اغنيه تقف وبقوه ضد تيار اغنيه القاهره والتى كانت لها الصوت الاقوى فى الغناء المصرى فكل من يريد ان يشتهر فليأتى الى القاهره لكى يغنى اغانى القاهره دون النظر عن خصوصيه المكان الذى اتى منه وخصوصيه المشروع الفنى الذى يملكه تلك كانت اهم سمات منير الفنيه والذى حافظ فيها على خصوصيه مشروعه الفنى من ناحيه الكلمات ومن ناحيه البيئه الفنيه التى اتى منها منير وتجسد اغنيه اليوم مدى معاناه كل من عاشوا فى زحمه المدن الكبيره واشتاقوا الى قراهم سوا كانت فى الوجه البحرى او من الصعيد اغنيه تقف ضد صلف وغرور وجفاء المدينه التى الكل كان يحلم ان يلتقى بنفسه فى داخلها وفى النهايه اكتشف انه تائه بداخلها وانها لا تتسع لا لافراحه ولا تواسيه فى احزانه بل هى مدن بقلب بارد ووجه اسمنتى جاف وان كنت ارى ان تلك الاغنيه هى الوجه الاخر من رائعه منير المنسيه ( ايه يا بلاد يا غريبه ) والتى كتبها الخال سيد حجاب فى البوم منير الاول ( علمونى عنيكى ) لكن لا استغرب من تلك الفكره تحديدا ( فكره الغربه فى المدن او فى الوطن ) لانها كانت اغنيه بنت تلك الفتره والتى كانت موجه الغناء الجديد لا تخلو من الحديث عن الغربه بكافه اشكالها وكافه انواعها ونلحظ هذا فى رائعه احمد فكرون ( شوارع المدينه ) و شنطه سفر لناصر المزداوى وحميد الشاعرى فتلك الفتره كانت تلك هى موضوعات الموجه الجديده والتى اجتاحت الوطن العربى بأكمله كلا حسب بيئته وموروثه الثقافى .

كتب الاغنيه احد من عانوا وقاسوا الحياه فى القاهره ومن اشتاقواالى الرحيل الى مكان ميلاده واحس بالغربه رغم انه عاش فيها لكنه فى النهايه لم يجد نفسه الا عندما يعود الى منشأه
الاغنيه هى ( ع المدينه ) والتى كتبها الاب عبد الرحيم منصور والذى اعتبره انقى شاعر فى تجربه منير الفنيه وعمود الخيمه الفنيه فى مشروع منير الفنى واحد من تبنوا منير فنيا واكثر شاعر ظلم فى جيله واكثر من احس بالغربه داخل القاهره الاغنيه تحتمل اكثر من تأويل شعرى فقد يعشقها النوبى الذى هجر من موطنه الاصلى وقد تحمل فى طيات كلماتها الحديث عن عذابات النوبى داخل المدن الذى قيل لهم انهم سوف تساعهم بطقوسهم وبأفراحهم واحزانهم لكن للاسف حدث عكس ما قيل لهم او قد تحمل تأويل اخر يخص شاعرها عبد الرحيم منصور ففى حوارات رفيق عبد الرحيم منصور فى دروب القاهره الشاعر الجميل مجدى نجيب قال ان عبد الرحيم منصور كان دائما الحديث عن الرجوع الى موطنه الاصلى بقريته فى قنا والتى شهدت بكارته الشعريه هناك وكان دائم الحديث عن المدينه ومعاناته داخلها ولن انسى له لفظ قاله فى اغنيه لمنير فى رائعته ( مدى ايدك ) فى البوم بنتولد

دى المدينه عيون حزينه مابتعرف تنام

عبد الرحيم منصور سطر لنا اغنيه تاريخيه جسدت حاله الغربه والتيه لوجه مدينه قاسى جدا لم يتسع لافراحه ولم يواسيه فى احزانه واستخدم خصوصيه الفاظه الصعيديه القحه والبكر جدا



يامدينه فيكى ماشى – قلبى قمرايه بشواشى
مهما تعصرى حزننا – مش هيكدب صدقنا
فى المدينه هنا

كنت اتمنى ان اتعرف على عبد الرحيم منصور عن قرب من فرط صدقه ومن فرط طهر كلماته النقيه تماما واعتقد ان عبد الرحيم منصور حرر الاغنيه وجعل للاغنيه شكل اكثر نقاء وطهرا فهو عندما يحب او يعشق تجده يتحدث بألفاظ عاشق خيالى جدا

احلم على شالك انام – كأنى فرد من الحمام
برموش عنيكى تغطينى – رمشك شطوط طب رسينى
انتى انا وبكره ليا وليكى

عبد الرحيم لم استغرب انه كان دائما مهموما بعذابات البشر فهو فى عموم شعره كان يستخدم لفظ الجمع وهذا سر عظمته لاحظوا على مدار ما كتب


على قد ماحبينا وتعبنا فى ليالينا الخطوه فى مشوارنا تانى هتلاقينا
لفوا بينا قالوا لينا قالوا لينا ع المدينه لما جينا التقينا كل شئ فيها ناسينا
ده الكون جوانا وفينا يضحك لكن فى ايدينا
ماتقولنا لما انت ناوى ع السفر قولنا كلمه وادع يا قمر تفضل لنا
رزقنا والرزق على الله دربنا خليها على الله
غنوتك فوق الدروب مش هتدبل عمرها دى القلوب الصابره ربك راح يعوض صابرها


اعتقد ان عبد الرحيم محتاج ان يدرس اكثر واكثر وان نتبحر ونغوص داخل شعره لكى نترجم احساسه النقى جدا والذى اعتقد انه صنع اغنيه لكى تبقى وتدوم دون ان تذبل .

الدخول الوترى العبقرى الذى ادخلنا فى جو الاغنيه مباشرخط الوتريات تحس انك تدور معه وتلف معه كما تقول كلمات الاغنيه يدعمه درامز يحيى خليل وخط باص جيتار قوى جدا واكثر من رائع يلعب تيمه هارمونيه بعيده عن الرتم واعتبره من اقوى تيم الباص جيتار التى سمعتها فى حياتى حتى دخول صوت منير الذى احتل المقدمه وخلفه الوتريات تتمايل كالامواج تشعرك بالتوهه والغربه التى تحسها فى صوت منير .

حقيقه لا استطيع ان اجزم بمعرفتى بمن كتب هذا الخط من الوتريات العبقرى وان كنت ارجح انه فتحى سلامه ولاننسى ان الاغنيه يلعبها بالكامل اربعه موسيقين كلهم بالاساس موزعين موسيقين متمكنين خصوصا فى تلك النوع من الموسيقى وهم ( يحيى خليل وعزيز الناصر وفتحى سلامه ومايكل كوكيوس ) والاخير هو كان عازف الباص جيتار الامريكى فى فرقه يحيى خليل .

اكثر ما يبهرنى فى الاغنيه ككل تلك التيمه من ال Slap والتى يلعبها الباص جيتار فى الجزء ( مش هيكدب صدقنا ) والتى احسها صرخه من الباص جيتار وجمله الوتريات فى الجزء( لفوا بنا وجينا هنا ) تجد دوران حركه الوتريات تحس انها تعبر عن الغربه والمعاناه داخل المدن خط الكى بورد كان اروع مايكون وتجانس بشكل اكثر من رائع مع خط الباص ودرامز يحيى خليل والذى صعد وهبط مع الكى بورد والباص بشكل لم تحس ان اربعه عازفين بالاضافه الى خط الوتريات هم عماد واصل كل هذا الزخم الموسيقى الرائع .


اداء منير كان فى اوج تألقه واوج صدقه منير ادى الاغنيه بنفس احساس كلماتها مدعوم بالطبع بلحن شجى جدا صاغه الاب الروحى له والاب الروحى لموسيقى الجيل كلها الحاج احمد منيب والذى كان صاحب الفضل الاول فى اسطوره فنيه تدعى محمد منير وبالطبع اذا كنت من عشاق منير فمن البديهى جدا ومن المشروع جدا ان يكون الحاج احمد منيب حاضرا بصوته داخل وجدان عشاق منير خصوصا وان منير فى رأيى اقدر من وصل الحان الحاج احمد منيب الى المستمعين




شارك فى اعداد هذه الحلقه الصديق العزيز ( شريف رشدى )





الاغنيه

ع المدينه

كلمات / عبد الرحيم منصور
الحان / احمد منيب
توزيع / فرقه يحيى خليل
غناء / محمد منير
البوم ( شبابيك انتاج سونار 1983 )

هناك 3 تعليقات:

  1. مبدع واكثر كعادتك نلك الحروف التي تخرج من نغمات الاغنية تجعلنا بحث اكثر عنها ونترك السباق الان نعش الاغنية من مفهوم محترف وكأننا في الدراسات العليا...الغريب انني استمع مثلك واحلل مثلك لكن انت اضفت شيئا لطالما احسست انه ينقصني
    الأستمتاع بالأستماع

    ردحذف
  2. التحليل رائع ، هذا أولاً.. ثانياً أتفق معك تماماً في فكرة تأثير الاغتراب القوي في تجربة "منير" الغنائية والإنسانية معاً ، والتي عاشها في فترة التهجير وعاشها كطالب في سنوات دراسته الجامعية..

    ثالثاً : لفترة طويلة كانت الأغنية الرسمية قاهرية ، ريفية ، أو صعيدية في بعض الأحيان بفضل حضور كتاب وملحنين ولدوا وعاشوا في الريف والصعيد من أمثال الكبار "سيد حجاب" و "عبد الرحمن الأبنودي".. لكن لطالما تعرضت مناطق مثل النوبة ، والغرب المصري "الواحات + مطروح" ، وسيناء لتهميش موسيقي غير مبرر.. رغم أن منابع الموسيقى المصرية متعددة سواء في الموسيقى النوبية أو غناء البادية شرقاً في سيناء وغرباً في الواحات .. وهي حقيقة تحتاج لفنانين يحققون نجاحاً تجارياً وفنياً يفرض على الناس والميديا تذكرها، هكذا كان الأمر مع "منير" و"منيب" ، ثم مع "حميد الشاعري" الذي يحسب له جداً تقديمه لموسيقى الغرب المصري والمالوف الليبي (الذي تأثرت به الموسيقى في مطروح والواحات بحكم الجغرافيا والقبلية).. والله أعلم..

    ردحذف
  3. تحليل رائع يعطي للأغنية بعداً جديداً حينما سنستمع لها ثانيةً . . كالعادة إستمتعت بهذا التفصيل و التفكيك و التجميع
    تحياتي و إحترامي

    ردحذف