Powered By Blogger

الاثنين، 27 ديسمبر 2010

قول معايا وجيه عزيز

 وجه عزبز وعلى سلامه فى ساقيه الصاوى

اغنيه اليوم اسمحوا لى ان اخرج بها عن سياق موضوعات ( اغنيات فى الذاكره ) بعض الشىء نظرا لانها انتجت فى العام 2004 لكن وبما انها تصلح لان تسمع وان يتم تسليط عليها الضوء احببت ان اكتب عنها لانها تلح على منذ فتره ليست بالقريبه خصوصا وانى اراها تتفضح اوضاعنا الحاليه وتصلح كتنظير لكتاب العبقرى الدكتور جلال امين ( ماذا حدث للمصريين )
الاغنيه هى ( قول معايا ) لوجيه عزيز
تجربه وجيه عزيز تجربه مثيره للاهتمام جدا فهو فنان اصيل لم يبحث عن الاتجاه السريع للشهره والغناء على الناس اكثر من الغناء للناس فهو يحمل هموم الناس والامها واحلامها ويعيد صياغتها مره اخرى فى اغانيه اما بتفائل او صرخه يأس او محاوله تفريج الهموم واغنياته اراها احدى اهم الاغنيات الضاربه فى جذور مشاكلنا وهمومنا الحياتيه بشكل كبير
وجيه عزيز فنان اصيل فى زمن لايعترف الا بالفن الاستهلاكى البحت لذا ان كانت تجربه وجيه عزيز لم تأخذ قدرها حق التقدير الا ان وجيه عزيز اراه انسانا متسقا مع ذاته فهو مقتنع بأن لديه مشروعه الموسيقى المتفرد ويعرف قيمته كفنان حقيقى لدى جمهوره وهو لا  يدخل فى صراعات تسويقيه لانه يعرف لمن يغنى وماذا يغنى  لذا قد اجد فى تجربته بعض من الهدوء والاستقرار النفسى فهو لا يتعجل صدور البوماته على الرغم من الصعوبات الانتاجيه المهوله التى يجدها فهو يعرف انه محلق خارج سرب الغناء المصرى ويحمل فى طيات فنه تجربه شديده الثراء والرقى
وجيه عزيز مشروع موسيقى ممتد يمتد اصوله من العبقرى خالد الذكر سيد درويش فهو لا يعتبر نفسه مجددا موسيقيا اكثر ما يعتبر نفسه مشروع فنان شعبى يهتم بقضايا الناس وهمومها ويعرف كيف يضرب فى صلب وجذور مشاكلنا الحياتيه بعيدا عن وهم الحياه الخياليه وبعيدا عن وهم الاغانى العاطفيه التى يدرك انها انتهت واستهلكت بشكل يجعلها اغانى ممله سقيمه تدور فى فلك واحد لذا لا تجد يملك مفاتيح مشروعه الفنى بشكل كبير ويدرك ويعرف اهميه مايغنيه ويعرف انه لا يقع تحت ضغوط من جمهوره فجمهوره مدرك تماما ما يغنيه ويعرف مشروعه الفنى المحدد ويتنظره بشغف سواء فى حفلات ساقيه الصاوى او فى حفلات مكتبه الاسكندريه او حتى فى لقاء عابر على احد الفضائيات فهو ان كان قليل الظهور اعلاميا الا انه تارك بصمه واضحه جدا ومؤثره فى قلب جمهوره ويعرفون مدى تفرد تجربته الفنيه ومدى قيمتها وانها اغانى صنعت لتبقى فى الذاكره طويلا لا لكى تنسى بعد اول استماع لها

اغنيه اليوم احد اهم اغنيات وجيه عزيز على الاطلاق فى وجهه نظرى وواحده من القلائل التى تفسر وتشرح وتشرح لنا وضعنا الحالى من تخاذل وسكوت واحباطات تواجه الشعب المصرى تحديدا
كتب كلمات اغنيه اليوم الشاعر على سلامه وحقيقه انا اعتبر على سلامه شاعر متفرد هو الاخر فهو بنى لنفسه مدرسه شعريه دشنها بمجموعه من الالفاظ والتراكيب الخاصه به جدا ولم يكن مقلدا لاحد مع انى اعتبره امتداد اكثر من رائع للعبقرى فؤاد حداد فى تكنيك الكتابه والحرفيه واراه امتداد اخر للفاجومى فى جراءه الطرح الشعرى  وحقيقه انا انبهرت من كلمات على سلامه منذ الاطلاله الاولى له فى البوم منير ( من اول لمسه ) بالاغنيه العبقريه ( قلبك الشاطر ) والتى لحنها وجيه عزيز
الاغنيه ضرب بها على سلامه فى مقتل اصاب المصريين وهو الصمت المطبق على كافه الاوضاع الخاطئه والتى تحولت الى اساسيات فى حياه المصريين فهو ينادى ويصرخ فى الناس وفى المجتمع لكى يثور عن اوضاعه الخاطئه وصبره على الحياه القاسيه التى نعيشها والتى اصحب لايدرى هل هى عيشه ام ميته ام الدخول فى حاره سد
تأملوا كلمات الاغنيه فى بدايتها
قول معايا قول بجد
هى عيشه ولا موته
ولا فوته فى حاره سد
قول لحد اى حد
حد رايح حد فايت
حد جاى
حد لسه فينا فايق
حد حى
قول ياعم
قول ياهم
قول لحد فينا لسه عنده دم
الكلمات قريبه جدا ومؤثره جدا وموجعه اكثر لن اقول لها انها جلدا للذات كما شبه احسان عبد القدوس اغانى الشيخ امام ونجم على انها جلد للذات ولكنها اغانى واقعيه شعبيه فى مضمونها موجهه لعموم الناس فهى تشرح لنا الواقع كما هو بعيدا عن تزييفه او محاوله تجميله لصالح اخرون يرون ان الوطن هو احلى وطن فى الكون ولم يدركوا ان الوطن يعج بالمشاكل ويعج بالسلبيه المفرطه التى جعلت الناس واقعون فى دروب الصمت لا يرون ولا يسمعون ولا يتكلمون فالبدايه العبقريه بقول بمعنى اتكلم اصرخ على الاوضاع ثور وحطم قيود اليأس وقيود الصمت التى اخذت من عمرنا واحلامنا وتقدمنا وخلفت ورائها ازمات وازمات نعيشها وازمات اكبر سوف نواجهها
على سلامه كسر بنيه ونمطيه كلمات الاغنيه فهو لا يكتب اغنيه بمعناها المعروف اكثر مايكتب شعر حقيقى حمل فى طياته كسر للنمطيه وتجديدا فى التناول والطرح
قول معايا قول بجد
هى عيشه ولا موته
ولا فوته فى حاره سد
قول لحد اى حد
قول معايا صوتى
لسه مانتهاش
ليه بنرخص
ليه بنرضى نبيع بلاش
قول ياعم
قول ياهم
قول لحد لسه فينا عنده دم
الجزء الثانى من الاغنيه هو اكثر الاجزاء تأثيرا وتوضيحا للاوضاع
ليه بنرخص ليه بنرضى نبيع بلاش
هذا الشطر فسر انهيار الاشياء ذات القيمه التى كنا نتفاخر بها كشعب له خصوصياته وانتهت واختفت وانا هنا لا افرد الواقع بشكل يأس لكن بالفعل اختفت القيم الحقيقه من جدعنه وشهامه وعداله حتى اصبحت نادره الوجود
موسيقى احدى الاشياء المؤثره فى نجاح تلك الاغنيه فعرف وجيه عزيز كيف يصنع اغنيه شعبيه المذاق الموسيقى بعيدا عن التهجين الفاضح التى يمارسه الموسيقين الاخرون واغنيه تحس فيها  بالجو الشعبى ولا ادرى لماذا يطلق على تلك الاغانى انها اغانى مثقفين رغم انها اغانى ضاربه بعمق فى جذور الحاره المصريه من ناحيه تكنيك وصياغه الالفاظ ومن حيث التوجه الموسيقى فلم نرى وجيه عزيز يلعب صولوهات لا يفهمها الا الأكاديميون او الموسيقين فقط بل صنع اغنيه شعبيه بحته ذات مذاق ورائحه الحاره المصريه بكل تفاصيلها
الدخول من رتم المارش وتحس ان فرقه موسيقات عسكريه تعزف وارى ان هذا له توظيف شعبى كالفرق الشعبيه التى كنا نراها فى القدم او اوراها استجداء للعسكريه  ونظامها الذى يصنع الرجال ومحاوله تنظيم الصفوف وتوحيد الصوت كله تحت رايه واحده فيها التزام وطاعه للحلم العام دون ان يكون لك هم او حلم شخصى بل كلنا نتوحد فى النداء ونرى ذلك فى الكورال الرجالى والنسائى معا فالاغنيه موجهه لكل الفئات ولكل الناس ولكل الاجناس والاعمار
ثم الرتم الشعبى المعروف بالمقسوم بكل حلياته اعطى خفه ومذاق اكثر شعبيه للاغنيه

النهايه الموسيقيه التى ابدع فيها هشام نياز بشكل كبير وارى فيها جو الحاره المصريه بكل حذافيرها من كسر الرتم المارش بعد الجزء الثانى الذى غناه وجيه عزيز وزحام الناس والزغاريد وصوت الاطفال والمزيكا العبقريه المستوحاه من اكثر الافلام شعبيه فى تاريخ مصر
( ام العروسه ) والتى اثبتت ان الكلمات لم تكن مكتوبه بشكل عشوائى وان الموسيقى موسيقى ضاربه فى جذور حياتنا اليوميه وان الموسيقى من الممكن ان تكون انعاكسا حقيقى لما نعيشه
حقيقه الاغنيه اعتبرها من اعظم الاغانى التى سمعتها فى حياتى واراها من اهم اغانى وجيه عزيز على الاطلاق واراها صرخه امل وصرخه فى وجه الصمت المطبق الذى اتمنى الا يطول اكثر من ذلك
فريق عمل الاغنيه
كلمات  / على سلامه
الحان / وجيه عزيز
توزيع / هشام نياز
غناء / وجيه عزيز
البوم ( زعلان شويه انتاج 2004 دى جى ريكورنج )

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

لما الشتا يدق البيبان "علي الحجار"


هناك أغنيات ترتبط إرتباط وثيق بفصل من فصول السنة، فنحن نستقبل الربيع على أنغام "الدنيا ربيع" لسعاد حسني وتظل "دقوا الشماسي" لعبد الحليم حافظ تعبر عن بهجة ومرح الصيف ويهل علينا الخريف حاملًا "ولاكيف" لجارة القمر "فيروز" ،يظل الشتاء مرتبطًا إرتباط وثيق برائعة علي الحجار "لما الشتا يدق البيبان"
في حياة علي الحجار  الفنية العديد من المحطات المهمة والتي كانت بمثابة نقطة إنطلاق لمرحلة جديدة في حياته الفنية فمنذ الإنطلاق من رائعته مع بليغ حمدي "على قد ماحبينا" مرورًا بتجربته العظيمة مع عماد الشاروني في "ماتصدقيشحتي نصل إلي أيقونة عصام عبد الله "في قلب الليل" جاءت لما الشتا لتعلن بداية مرحلة جديدة بأبطال جدد ساهموا في ثقل التجربة أكثر.

صاغ الأشعار واحد من أهم شعراء الأغنية المعاصرة الشاعر الكبير "إبراهيم عبد الفتاح" شخصيًا أعتبر الأغنية إمتداد بديع لرباعية جاهين "دخل الشتا وقفل البيبان ع البيوت - وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت - وحاجات كتير بتموت في ليل الشتا - لكن حاجات أكتر بترفض تموت"
ارسلنا "إبراهيم عبد الفتاح " إلي الأجواء الشتوية مبكرًا في مقدمة الأغنية "لما الشتا يدق البيبان - لما تناديني الذكريات - لما المطر يغسل شوارعنا القديمة والحارات- الاقاني جايلك فوق شفايفي بسمتي - كل الدروب التايهة تسبق خطوتي - كل الليالي اللى في قمرها قلبي بات - مش جاي ألومك ع اللي فات ولا جاي أصحي الذكريات - لكني بحتاجلك ساعات لما الشتا يدق البيبان"
رسم إبراهيم عبد الفتاح سيناريو شديد الرقة ملئ بالذكريات المؤلمة والحنين فجعلنا نتماهي مع الحالة فصار كل واحد منا بطل الحكاية التي يرويها فمن منا لا يمتلك ذكريات شتوية مؤلمة تركت جرحًا غائرًا في قلبه وصار الشتا هو فصل الحنين والذكريات المؤلمة.
عاد الحنين وعادت معه الذكريات في الكوبليه الأول شديد الرقة والعذوبة
"كنا طفولة حب لسه في أوله - بنضم بإيدينا الحنين وبنوصله - خريف نادانا والشجر دبلان - بردانه كنتي وكنت انا بردان - ضمت قلوبنا بشوق ولهفة نبضها - لما التقينا الخطوة عرفت أرضها - أجمل معاني الحب غنتها النايات"
واصل عبد الفتاح الحكي بطريقة الفلاش باك ليروي لنا بدايات قصة حبه وكأنه يرسم لنا لوحة رائعة الجمال بأخيلة وصور بديعة تحكي عذوبة ورقة اللقاء الذي كان بداية إعلان شرارة الحب ولكن انتهي على وقع قسوة الظروف.
الكوبلية الأخير كان من المفترض أن يحكي تفاصيل أكثر  عما حدث فكان يقول "تتصوري لا كنت اصدق تخدعيني ويجي يوم وتتغيريلا كنت أصدق تجرحيني لكن لاقيتك تقدري" لكن تم تغييره إلي النهاية التي سمعناها كلنا " تتصوري رغم أننا شايفين طريقنا بينتهي - تتصوري لا عمري هقدر على الفراق ولا انتي عمرك تقدري - لسه حنيني بيندهك رغم البعاد ولسه زهرة حبنا بتطرح معاد - لكن بيغرق حلمنا في بحر السكات"
أنا أميل إلي الكوبلية الأصلي حيث ظهرت أسباب هذا الفراق الذي كان سببه خداع البطلة لكن وبما أننا لا نعشق النهايات القاسية فالأغلبية سوف ترجح النهاية التي ظهرت بها  الأغنية خصوصًا مع تشريفها بإيماءة "حنان ماضي" بعد كلمة تتصوري والتي بدت وكأنها طيف يناجي البطل ويأتيه كل شتاء وسواء هذه او تلك ففي النهاية خرجت الأغنية في أبهى حالاتها الشعرية والأغنية درس للمطربين في أي عصر وأي زمن يبين أهمية إدراك معنى ما تغنيه وكيف تستحسن إختيار الكلمات.
لحن الأغنية "أحمد الحجار" الشقيق الأصغر "لعلي الحجار" وحقيقة أهم ما لفت نظري في اللحن هو أن أحمد الحجار ورغم إدراكه الكامل لإمكانيات علي ومساحات صوته العريضة إلا أنه لم يمارس أنانية الملحنين معه فبعض الملحنين عندما يتعاملوا مع صوت بإمكانيات علي الحجار  يقعوا في فخ محاولة إبراز كل إمكانياته التلحينيه مع صوت قادر على اداء اي لحن مهما كانت صعوبته وهو الأمر الذي لم يفعله أحمد الحجار الذي لحن الأغنية بإحساس فياض وعالي المشاعر واظهر لنا أحلي ما في صوت علي الحجار  رغم انه لم يكرر التيمة اللحنية في الكوبليهات  بل قسم اللحن على ثلاث اجزاء كل كوبليه تماهي مع الحالة التي يحكيها .
وزع الأغنية ياسر عبد الرحمن الذي دائما ما ينتصر  لفكره الموسيقي في الغالب، لياسر عبد الرحمن طابع موسيقي خاص وبصمة موسيقية لا يتنازل عنها تحت أي ظرف وهو ما يجعلنا نعرف موسيقاه من أول حرف موسيقي يعزف.
قد يري البعض أنها ميزة في أن يترك الموزع بصمته على العمل الفني، لكن في حالة ياسر عبد الرحمن فالمشكلة تكمن في أنه دائما ما يعتمد على توصيف الحالة بشكل قد يجعلها في النهاية تخرج بصورة كاريكاتيرية بعض الشئ.
مع الإعتراف بأنه في "لما الشتا يدق البيبان" نجح في نقل الأجواء الشتوية بخطوط هارمونية تعزفها الوتريات تجسد حركة الرياح وبيانو يشبه تساقط الأمطار  والإيقاع والكي بورد الذي يجسد ضربات البرق إلا ان الأغنية كانت تتطلب رقة وعذوبة في بعض المواضع والتي جسدها بوتريات قاسية جدًا وكأنه كان يراهن على براعته في كتابة خطوط هارمونية متلاحقة متسارعة.
تظل الأغنية هي أيقونة الشتاء المفضلة للكثيرين وبالأخص عشاق علي الحجار ولا غرابة في كونها صدرت منذ ثلاثون عامًا ولا زالت تحتفظ بطزاجتها وكل مرة نعيد فيها الإستماع إليها نشعر وكأننا نسمعها لأول مرة .