هناك أغنيات ترتبط إرتباط وثيق بفصل من فصول السنة، فنحن نستقبل الربيع على أنغام "الدنيا ربيع" لسعاد حسني وتظل "دقوا الشماسي" لعبد الحليم حافظ تعبر عن بهجة ومرح الصيف ويهل علينا الخريف حاملًا "ولاكيف" لجارة القمر "فيروز" ،يظل الشتاء مرتبطًا إرتباط وثيق برائعة علي الحجار "لما الشتا يدق البيبان"
في حياة علي الحجار الفنية العديد من المحطات المهمة والتي كانت بمثابة نقطة إنطلاق لمرحلة جديدة في حياته الفنية فمنذ الإنطلاق من رائعته مع بليغ حمدي "على قد ماحبينا" مرورًا بتجربته العظيمة مع عماد الشاروني في "ماتصدقيش" حتي نصل إلي أيقونة عصام عبد الله "في قلب الليل" جاءت لما الشتا لتعلن بداية مرحلة جديدة بأبطال جدد ساهموا في ثقل التجربة أكثر.
صاغ الأشعار واحد من أهم شعراء الأغنية المعاصرة الشاعر الكبير "إبراهيم عبد الفتاح" شخصيًا أعتبر الأغنية إمتداد بديع لرباعية جاهين "دخل الشتا وقفل البيبان ع البيوت - وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت - وحاجات كتير بتموت في ليل الشتا - لكن حاجات أكتر بترفض تموت"
ارسلنا "إبراهيم عبد الفتاح " إلي الأجواء الشتوية مبكرًا في مقدمة الأغنية "لما الشتا يدق البيبان - لما تناديني الذكريات - لما المطر يغسل شوارعنا القديمة والحارات- الاقاني جايلك فوق شفايفي بسمتي - كل الدروب التايهة تسبق خطوتي - كل الليالي اللى في قمرها قلبي بات - مش جاي ألومك ع اللي فات ولا جاي أصحي الذكريات - لكني بحتاجلك ساعات لما الشتا يدق البيبان"
رسم إبراهيم عبد الفتاح سيناريو شديد الرقة ملئ بالذكريات المؤلمة والحنين فجعلنا نتماهي مع الحالة فصار كل واحد منا بطل الحكاية التي يرويها فمن منا لا يمتلك ذكريات شتوية مؤلمة تركت جرحًا غائرًا في قلبه وصار الشتا هو فصل الحنين والذكريات المؤلمة.
عاد الحنين وعادت معه الذكريات في الكوبليه الأول شديد الرقة والعذوبة
"كنا طفولة حب لسه في أوله - بنضم بإيدينا الحنين وبنوصله - خريف نادانا والشجر دبلان - بردانه كنتي وكنت انا بردان - ضمت قلوبنا بشوق ولهفة نبضها - لما التقينا الخطوة عرفت أرضها - أجمل معاني الحب غنتها النايات"
واصل عبد الفتاح الحكي بطريقة الفلاش باك ليروي لنا بدايات قصة حبه وكأنه يرسم لنا لوحة رائعة الجمال بأخيلة وصور بديعة تحكي عذوبة ورقة اللقاء الذي كان بداية إعلان شرارة الحب ولكن انتهي على وقع قسوة الظروف.
الكوبلية الأخير كان من المفترض أن يحكي تفاصيل أكثر عما حدث فكان يقول "تتصوري لا كنت اصدق تخدعيني ويجي يوم وتتغيري- لا كنت أصدق تجرحيني لكن لاقيتك تقدري" لكن تم تغييره إلي النهاية التي سمعناها كلنا " تتصوري رغم أننا شايفين طريقنا بينتهي - تتصوري لا عمري هقدر على الفراق ولا انتي عمرك تقدري - لسه حنيني بيندهك رغم البعاد ولسه زهرة حبنا بتطرح معاد - لكن بيغرق حلمنا في بحر السكات"
أنا أميل إلي الكوبلية الأصلي حيث ظهرت أسباب هذا الفراق الذي كان سببه خداع البطلة لكن وبما أننا لا نعشق النهايات القاسية فالأغلبية سوف ترجح النهاية التي ظهرت بها الأغنية خصوصًا مع تشريفها بإيماءة "حنان ماضي" بعد كلمة تتصوري والتي بدت وكأنها طيف يناجي البطل ويأتيه كل شتاء وسواء هذه او تلك ففي النهاية خرجت الأغنية في أبهى حالاتها الشعرية والأغنية درس للمطربين في أي عصر وأي زمن يبين أهمية إدراك معنى ما تغنيه وكيف تستحسن إختيار الكلمات.
لحن الأغنية "أحمد الحجار" الشقيق الأصغر "لعلي الحجار" وحقيقة أهم ما لفت نظري في اللحن هو أن أحمد الحجار ورغم إدراكه الكامل لإمكانيات علي ومساحات صوته العريضة إلا أنه لم يمارس أنانية الملحنين معه فبعض الملحنين عندما يتعاملوا مع صوت بإمكانيات علي الحجار يقعوا في فخ محاولة إبراز كل إمكانياته التلحينيه مع صوت قادر على اداء اي لحن مهما كانت صعوبته وهو الأمر الذي لم يفعله أحمد الحجار الذي لحن الأغنية بإحساس فياض وعالي المشاعر واظهر لنا أحلي ما في صوت علي الحجار رغم انه لم يكرر التيمة اللحنية في الكوبليهات بل قسم اللحن على ثلاث اجزاء كل كوبليه تماهي مع الحالة التي يحكيها .
وزع الأغنية ياسر عبد الرحمن الذي دائما ما ينتصر لفكره الموسيقي في الغالب، لياسر عبد الرحمن طابع موسيقي خاص وبصمة موسيقية لا يتنازل عنها تحت أي ظرف وهو ما يجعلنا نعرف موسيقاه من أول حرف موسيقي يعزف.
قد يري البعض أنها ميزة في أن يترك الموزع بصمته على العمل الفني، لكن في حالة ياسر عبد الرحمن فالمشكلة تكمن في أنه دائما ما يعتمد على توصيف الحالة بشكل قد يجعلها في النهاية تخرج بصورة كاريكاتيرية بعض الشئ.
مع الإعتراف بأنه في "لما الشتا يدق البيبان" نجح في نقل الأجواء الشتوية بخطوط هارمونية تعزفها الوتريات تجسد حركة الرياح وبيانو يشبه تساقط الأمطار والإيقاع والكي بورد الذي يجسد ضربات البرق إلا ان الأغنية كانت تتطلب رقة وعذوبة في بعض المواضع والتي جسدها بوتريات قاسية جدًا وكأنه كان يراهن على براعته في كتابة خطوط هارمونية متلاحقة متسارعة.
تظل الأغنية هي أيقونة الشتاء المفضلة للكثيرين وبالأخص عشاق علي الحجار ولا غرابة في كونها صدرت منذ ثلاثون عامًا ولا زالت تحتفظ بطزاجتها وكل مرة نعيد فيها الإستماع إليها نشعر وكأننا نسمعها لأول مرة .
هناك أغنيات ترتبط إرتباط وثيق بفصل من فصول السنة، فنحن نستقبل الربيع على أنغام "الدنيا ربيع" لسعاد حسني وتظل "دقوا الشماسي" لعبد الحليم حافظ تعبر عن بهجة ومرح الصيف ويهل علينا الخريف حاملًا "ولاكيف" لجارة القمر "فيروز" ،يظل الشتاء مرتبطًا إرتباط وثيق برائعة علي الحجار "لما الشتا يدق البيبان"
في حياة علي الحجار الفنية العديد من المحطات المهمة والتي كانت بمثابة نقطة إنطلاق لمرحلة جديدة في حياته الفنية فمنذ الإنطلاق من رائعته مع بليغ حمدي "على قد ماحبينا" مرورًا بتجربته العظيمة مع عماد الشاروني في "ماتصدقيش" حتي نصل إلي أيقونة عصام عبد الله "في قلب الليل" جاءت لما الشتا لتعلن بداية مرحلة جديدة بأبطال جدد ساهموا في ثقل التجربة أكثر.
صاغ الأشعار واحد من أهم شعراء الأغنية المعاصرة الشاعر الكبير "إبراهيم عبد الفتاح" شخصيًا أعتبر الأغنية إمتداد بديع لرباعية جاهين "دخل الشتا وقفل البيبان ع البيوت - وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت - وحاجات كتير بتموت في ليل الشتا - لكن حاجات أكتر بترفض تموت"
ارسلنا "إبراهيم عبد الفتاح " إلي الأجواء الشتوية مبكرًا في مقدمة الأغنية "لما الشتا يدق البيبان - لما تناديني الذكريات - لما المطر يغسل شوارعنا القديمة والحارات- الاقاني جايلك فوق شفايفي بسمتي - كل الدروب التايهة تسبق خطوتي - كل الليالي اللى في قمرها قلبي بات - مش جاي ألومك ع اللي فات ولا جاي أصحي الذكريات - لكني بحتاجلك ساعات لما الشتا يدق البيبان"
رسم إبراهيم عبد الفتاح سيناريو شديد الرقة ملئ بالذكريات المؤلمة والحنين فجعلنا نتماهي مع الحالة فصار كل واحد منا بطل الحكاية التي يرويها فمن منا لا يمتلك ذكريات شتوية مؤلمة تركت جرحًا غائرًا في قلبه وصار الشتا هو فصل الحنين والذكريات المؤلمة.
عاد الحنين وعادت معه الذكريات في الكوبليه الأول شديد الرقة والعذوبة
"كنا طفولة حب لسه في أوله - بنضم بإيدينا الحنين وبنوصله - خريف نادانا والشجر دبلان - بردانه كنتي وكنت انا بردان - ضمت قلوبنا بشوق ولهفة نبضها - لما التقينا الخطوة عرفت أرضها - أجمل معاني الحب غنتها النايات"
واصل عبد الفتاح الحكي بطريقة الفلاش باك ليروي لنا بدايات قصة حبه وكأنه يرسم لنا لوحة رائعة الجمال بأخيلة وصور بديعة تحكي عذوبة ورقة اللقاء الذي كان بداية إعلان شرارة الحب ولكن انتهي على وقع قسوة الظروف.
الكوبلية الأخير كان من المفترض أن يحكي تفاصيل أكثر عما حدث فكان يقول "تتصوري لا كنت اصدق تخدعيني ويجي يوم وتتغيري- لا كنت أصدق تجرحيني لكن لاقيتك تقدري" لكن تم تغييره إلي النهاية التي سمعناها كلنا " تتصوري رغم أننا شايفين طريقنا بينتهي - تتصوري لا عمري هقدر على الفراق ولا انتي عمرك تقدري - لسه حنيني بيندهك رغم البعاد ولسه زهرة حبنا بتطرح معاد - لكن بيغرق حلمنا في بحر السكات"
أنا أميل إلي الكوبلية الأصلي حيث ظهرت أسباب هذا الفراق الذي كان سببه خداع البطلة لكن وبما أننا لا نعشق النهايات القاسية فالأغلبية سوف ترجح النهاية التي ظهرت بها الأغنية خصوصًا مع تشريفها بإيماءة "حنان ماضي" بعد كلمة تتصوري والتي بدت وكأنها طيف يناجي البطل ويأتيه كل شتاء وسواء هذه او تلك ففي النهاية خرجت الأغنية في أبهى حالاتها الشعرية والأغنية درس للمطربين في أي عصر وأي زمن يبين أهمية إدراك معنى ما تغنيه وكيف تستحسن إختيار الكلمات.
لحن الأغنية "أحمد الحجار" الشقيق الأصغر "لعلي الحجار" وحقيقة أهم ما لفت نظري في اللحن هو أن أحمد الحجار ورغم إدراكه الكامل لإمكانيات علي ومساحات صوته العريضة إلا أنه لم يمارس أنانية الملحنين معه فبعض الملحنين عندما يتعاملوا مع صوت بإمكانيات علي الحجار يقعوا في فخ محاولة إبراز كل إمكانياته التلحينيه مع صوت قادر على اداء اي لحن مهما كانت صعوبته وهو الأمر الذي لم يفعله أحمد الحجار الذي لحن الأغنية بإحساس فياض وعالي المشاعر واظهر لنا أحلي ما في صوت علي الحجار رغم انه لم يكرر التيمة اللحنية في الكوبليهات بل قسم اللحن على ثلاث اجزاء كل كوبليه تماهي مع الحالة التي يحكيها .
وزع الأغنية ياسر عبد الرحمن الذي دائما ما ينتصر لفكره الموسيقي في الغالب، لياسر عبد الرحمن طابع موسيقي خاص وبصمة موسيقية لا يتنازل عنها تحت أي ظرف وهو ما يجعلنا نعرف موسيقاه من أول حرف موسيقي يعزف.
قد يري البعض أنها ميزة في أن يترك الموزع بصمته على العمل الفني، لكن في حالة ياسر عبد الرحمن فالمشكلة تكمن في أنه دائما ما يعتمد على توصيف الحالة بشكل قد يجعلها في النهاية تخرج بصورة كاريكاتيرية بعض الشئ.
مع الإعتراف بأنه في "لما الشتا يدق البيبان" نجح في نقل الأجواء الشتوية بخطوط هارمونية تعزفها الوتريات تجسد حركة الرياح وبيانو يشبه تساقط الأمطار والإيقاع والكي بورد الذي يجسد ضربات البرق إلا ان الأغنية كانت تتطلب رقة وعذوبة في بعض المواضع والتي جسدها بوتريات قاسية جدًا وكأنه كان يراهن على براعته في كتابة خطوط هارمونية متلاحقة متسارعة.
تظل الأغنية هي أيقونة الشتاء المفضلة للكثيرين وبالأخص عشاق علي الحجار ولا غرابة في كونها صدرت منذ ثلاثون عامًا ولا زالت تحتفظ بطزاجتها وكل مرة نعيد فيها الإستماع إليها نشعر وكأننا نسمعها لأول مرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق